
بداية مفهوم المواطنة والعمل بروح الفرد للجميع والجميع للفرد دون تمييز أو تفرقة
المواطنة هي فكرة جامعة تضم بين ظهرانيها أبناء الشعب الواحد علي تنوع المكونات الدينية والسلالية والعرقية والقبلية والطائفية التي يشملها هذا الشعب وهي بمثابة' القاسم المشترك' الذي يربط بين هذه المكونات ويحقق ترابطها وائتلافها الوطني في إطار الدولة.
ومن الخطأ البالغ قصر مفهوم المواطنة علي علاقات التنوع الديني مثل العلاقة بين أبناء الديانات المختلفة في مجتمع ما فذلك يمثل أحد جوانب المفهوم الذي يشمل أيضا ضمان المساواة بين المواطنين علي أساس النوع أي العلاقة بين الرجال والنساء والمساواة بين المذاهب والطوائف الذين ينتمون إلي نفس الدين والمساواة في الخدمات بين المواطنين الذين يعيشون في مناطق مختلفة من إقليم الدولة وضرورة توفير الخدمات الأساسية لكل المواطنين بغض النظر عن مكان إقامتهم وكذا المساواة بين المواطنين دون اعتبار للأصل أو اللون ومؤدي ذلك أن علاقة الدولة بمواطنيها هي علاقة سياسية وقانونية في المقام الأول تنهض علي المساواة بين جميع المواطنين وأن تكون الجدارة والكفاءة هي الأساس في التمتع بالحقوق والخدمات التي تقدمها هيئات الدولة.
أما عن لماذا الآن والأسباب التي دعت إلي اقتراح إدخال مبدأ المواطنة في المادة الأولي من الدستور كأساس تقوم عليه الدولة فإن السبب الرئيسي يكمن في متابعة ما يحدث في عدد من الدول العربية التي تتعرض اليوم لعمليات' التجريف' الاجتماعي والطائفي تحت تأثير أفكار وتوجهات مذهبية وطائفية مسمومة تقسم أبناء الوطن الواحد علي أساس الدين أو الطائفة أو الأصل أو العرق. ومطلوب منا جميعا حماية بلادنا من تأثير هذه الأفكار المسمومة والاتجاهات الفاسدة, وذلك من خلال إعادة الاعتبار لمبدأ المواطنة الذي سعت بعض الآراء إلي التهوين من شأنه والتقليل من قدره لحساب ولاءات أخري.
فالمواطنة هي العمود الفقري والأساس الدستوري لكافة الحقوق والحريات في الدولة. ومن ثم, تصبح' حقوق المواطنة' هي أساس جميع الحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية التي ينص عليها الدستور والقانون. ويكون شيوع ثقافة المواطنة هو تأكيد لثقافة الديمقراطية, وتأكيد للحقوق المتساوية لكل المواطنين.
ومن الضروري تأكيد أن النص علي أن الدولة المصرية تقوم علي مبدأ المواطنة في الدستور هو ليس نهاية المطاف, بل أن يكون هذا النص منطلقا لممارسات فعلية تضمن تطبيق حقوق المواطنة وحرياتها, وأن تتوافر نظم المتابعة والرقابة القانونية والسياسية والشعبية لهذه الممارسات. بهذا, يتحول مبدأ المواطنة من نص دستوري إلي واقع حي معاش يلمسه المواطنون في حياتهم اليومية. إن مصر وطن لكل المصريين. وطن يقوم علي العيش المشترك الواحد لكل أبناء الشعب. لذلك كان من الطبيعي أن يحظي الاقتراح بتعديل المادة الأولي من الدستور بشأن مبدأ المواطنة بدعم كافة الأحزاب المصرية وتأييدها.